لاخوة الاعزاء
حديث الفدرالية اصبح ساخنا اليوم بين من يؤيد ذلك ويدعو اليها وبين من يخون كل من
دعا او ايد هذه الفكرة
بين هذا وذاك اردت ان اكتب عن ذلك مقالات. وانا ابحث في الانترنيت ما يفيدني في مقالاتي
وجدت ان مقالات قيمة للشيخ الدكتور طه الدليمي ما يغنيني عن عناء البحث والكتابة فاردت ان انقلها لتعم الفائدة ويفتح باب الحوار
ارجو من الاخوة عدم كتابة ردود لحين الامنتهاء من المقالات وهي تسعة لكي لا تكون فجوات كبيرة بين المقالات
الى مقالات الشيخ
الفدرالية أو .. اللامركزية الإدارية
حفظ لوحدة العراق المهددة .. وإنصاف لمكوناته المتعددة
(1)
بين يدي الموضوع
منذ مدة ليست بالقصيرة في حسابات الدول المحتلة، أخذ الحديث بين السنة (العرب) عن الأقاليم والفدرالية يشيع وينتشر شيئاً فشيئاً، ثم أخذ يتصاعد بوتيرة أسرع، أتوقع لها أن تصل إلى مرحلة التداعيات التي يصعب ملاحقتها. بدأ الحديث همساً، ثم صار جهراً، وقد ينقلب صراخاً إن لم تجد المأساة السنية لها صورة من صور الحل.
أزمتنا أزمة فكر قديم غير قابل للتكيف مع المستجدات المتغيرة، وأزمة قيادات أغلبها يفتقر إلى المرونة المطلوبة في الفكر، التي تصلح لمواكبة الأحداث والتعاطي المناسب معها. وطيلة السنين الثماني التي مرت لم يجد الجمهور حلاً صادراً من قياداته يمكن أن ينتشله من مأزقه. وإليكم هذه الدورة المتكررة لكثير من التقلبات في الأفكار والمواقف:
1. فكرة نمطية وموقف قديم مبني على تلك الفكرة تتبناه تلك القيادات، وهي تجر خلفها جمهوراً مشبعاً - بحكم العادة - بالفكرة نفسها، وواثقاً من (حكمة) القيادة.
2. الجمهور يختلف عن القيادة في أنه يتعامل بالنتائج والملموس أكثر مما يتعامل بالأفكار والتقعيدات. لكن له صبراً محدداً بسقف يجعله ينتظر وعود القيادة، ولكن إلى حين.
3. يظل الجمهور ينتظر، غير أنه حين يطول انتظاره يمل.. فيتململ.. ثم..
4. يضطر إلى القيام بركل طروحات تلك القيادات ويتقدم ليضع لنفسه حلاً بنفسه.
5. يتولد حراك جديد عليه ملاحظات كثيرة قد تترافق بأضرار غير محسوبة ولكنه – على أية حال – أفضل من الجمود والمراوحة فوق أشواك القديم.
6. حيال هذا التبدل ترى عامة القيادات – والاستثناء وارد - بدل أن تسبق الجمهور بحلول واقعية تلامس الأزمة أو – على الأقل – تقترب منها، فتستحق بذلك أن تكون قائدة بحق، عادة ما تقاوم حلول الجمهور مركزة على تلك الملاحظات أو الأضرار غير المحسوبة، أو تحاكم الموقف الجديد إلى قواعد الفكر القديم التي تسميها (ثوابت) دليلاً على فشل تلك الحلول، في الوقت الذي لا تتقدم هي بحل أنسب سوى الانتقاد وحتى السخرية في بعض الأحيان.
7. النتيجة أن الجمهور يبدأ بالانفضاض عن (القيادة)، التي ينحسر تأثيرها مع الزمن.
8. كثيراً ما نرى تلك القيادات حين تصل إلى هذه النتيجة البائسة، تحاول بطريقة أو أُخرى التنصل بهدوء من الموقف السابق، لتتبنى شيئاً فشيئاً موقفاً لاحقاً يتناغم مع ما آل إليه الجمهور من تبدل في الموقف قادته إليه الأحداث وساقته سوقاً باتجاهه. خذ مثلاً:
· موضوع الاحتلال الإيراني وخطره وتقدمه على خطر الاحتلال الأمريكي.
· المشاركة السياسية والتصويت في الانتخابات والعمل بالوظائف العسكرية والأمنية أمثلة أُخرى.
· والأمثلة كثيرة. وبعضها يسبب صُداعاً لدى البعض، فلنؤجلها إلى مناسبة يكون فيها الصداع أخف.
وهكذا نحن منذ ثماني سنين، كل سنة بخمس مثلها.
من طبيعة الجمهور أنه عادة ما يعي بعد الحدث. والقائد ينبغي أن يسبق بوعيه الجمهور الذي يقوده. وكثير ممن تقدم صفوفنا وعيهم متخلف عن الجمهور! فلا وعي يسبق الحدث، ولا حدث يصنع الوعي. ما معنى القيادة إن لم تكن متقدماً على أصحابك برتوة؟! غالباً ما يكون استرداد الوعي متأخراً، والوعي بـ(قرار رجعي) غير معتبر في قانون القيادة. هذا قلناه ونقوله منذ سنين.
القصة تكرر نفسها فيما يتعلق بموضوع (اللامركزية الإدارية) أو (الفدرالية).
انظروا إلى حالنا نحن السنة العرب، وكيف تتدهور يوماً بعد يوم من وضع سيئ إلى ما هو أسوأ! وإذا كان اليوم بخمسة أمثاله، فالمفترض أن نكون في سباق مع الزمن؛ لأنه كلما مرت فترة زادت الشقة وتغيرت المعادلة، وسيكون اليوم بعشرة، ثم بشهر ثم... وأخيراً تختفي المعادلة تماماً؛ لأن الزمن لا يحترم القاعدين. ولكم أن تتصوروا شعباً يعيش خارج معادلة الزمن!!!
هذا ما دعاني لأن أتقدم بحديثي أو بحثي هذا عن (الفدرالية) أو (اللامركزية الإدارية). هذا (البعبع) الذي يخشاه الكثيرون، ويتوجس من ذكره آخرون كثير منهم يدرك تماماً أنه ليس ثمة من (بعبع) يقبع بين أحشاء الظلام، وإنما هو مجرد صناعة ذهنية ناتجة عن أساطير الفكر القديم و (ثوابته) الجامدة.
قسمت البحث قسمين: القسم الأول يتناول موضوع (الفدرالية) نفسه من حيث الدلالة العلمية للمصطلح، وتكييفه القانوني الذي وضعه الدستور العراقي الصادر في سنة 2005، وآثاره التطبيقية على الواقع، والتحفظات الواردة بشأنه، وأمور أُخرى موضوعية كثيرة تأتي في مكانها في سلّم البحث.
والقسم الثاني خصصته للحديث عن (المأزق السني)، والغوص قليلاً في جذور الموضوع ودوافعه وإشكالاته، ومتناقضات الوضع وتعقيداته، وظروف الواقع وحيثياته.
كل ذلك أملاً بأن نخرج برؤية متقاربة عن الحالة، وكيفية وضع الحلول القريبة أو الإسعافية ، والعلاجات البعيدة أو الجذرية. فإذا تحقق ذلك أو قريب منه – وهذا ما نؤمله ونرجحه - فهو المراد. وعندها نكون قد بذلنا جهدنا كي نمنع أخانا المخالف من أن يسيء إلى نفسه في التورط بمنطق التخوين والتردي في مهاوي الشك والانسياق وراء نظريات التآمر والمقاصد المبيتة. وإن لم يتحقق ذلك بالنسبة المرجوة – وهذا ما نستبعده - كنا قد حاولنا ما نستطيع وأدينا ما نقدر، وشعارنا (أدِّ ما عليك.. وما عليك).
والله الهادي إلى سواء السبيل.
الأربعاء
11/6/2011