لماذا تصوم وأنت مذنب طيلة العام؟

لماذا تصوم وأنت مذنب طيلة العام؟

في أولى ليالي رمضان لا تتعجب أن تجد المساجد في أي عاصمة إسلامية تعج بالمصلين
لكن أن يضيق المركز الإسلامي في لندن بساحاته وصالاته بالمصلين الصائمين وفي أيام
العمل الباكرة وأجواء لا تساعد على استشعار روحانية الشهر فذلك شي له دلالة أخرى.

فرمضان يشكل أهم المحطات الروحانية لنا جميعا وهي روحانية مرتبطة ارتباطا وثيقا
بهذا الشهر الكريم، ومصدر هذه الروحانية يرتكز على أكثر من سبب , جزء من هذه الأسباب
مرتبط بالجو العام الذي يفرضه رمضان على المجتمعات المسلمة المتمثل في الإمساك العام
عن الأكل والشرب في النهار والاجتماع العائلي الذي يفرضه هذا الشهر على جميع أفراد العائلة
الواحدة في وجبة الإفطار على وجه الخصوص.

إلا أن الجزء الآخر والأهم يرتكز على الخصوصية والأفضلية التي أعطاها الشارع لهذا الشهر
وميزه بها ليكون محطة زمنية يستعيد فيها الإنسان صلته بربه من خلال المضاعفة الهائلة
للحسنات فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وذلك استدراك للانشغال الفطري
بالسعي خلف متطلبات الحياة طيلة العام ولعل مراد الترغيب في تجديد العلاقة الدينية
والتهذيب النفسي الذي يقلل أطماع النفس البشرية في الحصول على مرادها في أي وقت
وأي لحظة من خلال الصوم الذي هو الامتناع الكامل عن أي شهوة يقود إلى إعادة نصاب
النفس البشرية إلى رشدها في القصد في الشهوة والأخذ منها بقدر الحاجة.

لذا نجد أن الله تعالى جعل الصيام عملا فرديا يقوم على الفرد وصلته المباشرة بالله تعالى
من حيث إعطاؤه الأمانة في حفظ شهوته عن الطعام والشراب والجنس في فترة الصيام
وخصوصية الثواب من خصوصية العمل يقول تعالى في الحديث القدسي
( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) وخصوصية المغفرة وتجديد العهد
بالله من خلال قوله صلى الله عليه وسلم ( رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما )
والرحمة التي خص الله تعالى بها رمضان والمغفرة التي قسمها على لياليه أبواب أمل
مشرعه ليس لمخلوق أن يتحكم بها ولا لإنسان أن يقفز عليها أو يخصصها .

فمن حبس نفسه عن الأكل والشرب مع أنه لا سيطرة لأحد أي كان على هذا المنع
إلا أن الإيمان وحده يدفع بالمسلم العاصي والمقصر إلى الإمساك فهنيئا لكل صائم
مهما بلغ ذنبه لأنه مازال ثمة إيمان يتحرك في قلبه ولو من العام إلى العام
فلنستغل هذه الفرصة بتغذية هذا الإيمان الزائر لنا بالطاعات ومحاولة ترك الموبقات
ولا يأس مادامت دوافع الخير تدفع إلى الصوم وروائح الأمانة تدفع إلى الإمساك .

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتقبل منا انك انت السميع العليم

اَللّهُمَّ اَعِنّي فيهِ عَلى صِيامِهِ وَ قِيامِهِ ، وَ جَنِّبني فيهِ مِن هَفَواتِهِ وَاثامِهِ ، وَ ارْزُقني فيهِ
ذِكْرَكَ بِدَوامِهِ ، بِتَوْفيقِكَ يا هادِيَ المُضِّلينَ

مشكور حبي علي علي مواضيعك المفيدة وننتضر منك أكثر

موضوع مميز

بارك الله بيك

جعله الله في ميزان حسناتك

مودتي